
برقيات التهنئة بمناسبة السنة الهجرية الجديدة 1442
لقد توالت برقيات التهنئة بمناسبة السنة الهجرية الجديدة، لهذا العام وتزامن معها ايضا الحديث عن الهجرة النبوية الشريفة، الأمر الذي من شأنه ان يساهم في إحداث بعض اللبس والبلبلة عند البعض المهتمين ما يجعلهم يظنون خطأ أن هجرة رسولنا –صلى الله عليه وسلم – من مكة إلى المدينة كانت في شهر محرم، و على هذا فإن تلك الأعمال الفنية سواء الإذاعية أو التليفزيونية ، التي يتم اذاعتها في ذلك اليوم، والتي تروج لوجود حمامتين ونسيج عنكبوت أمام الغار، الذي احتمى به رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق –رضي الله تعالى عنه- وقت الهجرة.
متى كانت السنة الهجرية
كل هذه الأمور وغيرها دعت للبحث الجاد والتحقق سواء حول موعد هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، ولماذا اختار رسول الله سيدنا عمر بن الخطاب شهر محرم ليكون بداية للعام الهجري؟، وعليه ماذا كانت قصة الحمامتين والعنكبوت حقيقة أم لا، ومن خلال استطلاع آراء العلماء.
اكدت دار الإفتاء المصرية، إن الهجرة النبوية كانت في شهر ربيع الأول، وأن سبب الاحتفال بالسنة الهجرية بها في شهر المحرم، هو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصل إلى المدينة في شهر ربيع الأول إذا تم الاحتفال في موعد الهجرة النبوية بسبب وصل الرسول عليه السلام بهذا الشهر وهو شهر محرم، ولكن جُعِل شهر المحرم بداية العام الهجري لأنه كان بداية العزم على الهجرة.
اقرأ أيضاً: فوائد الشوكولاتة السوداء للنساء بشكل خاص!!
واستندت بذلك إلى ما يقول الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (7/ 268، ط. دار المعرفة): وإنما اخروه ُ – أي التأريخ بالهجرة- من ربيع الاولِ إلى محرمِ لأن ابتدأ العزمِ على الهجرة كان في شهر محرمِ؛ إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة للهجرةِ و بداية السنة الهجرية، حيث كانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ هذه الْبيعة وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هو هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً. وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّم.”
وأشار الدكتور محمد الشحات الجندي، وهو عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حدثت في شهر ربيع الأول ولم تكن في شهر «المُحرم»، منوهًا بذلك بأن المصريين يحتفلون في شهر المحرم كبداية التقويم الهجري الجديد، ويضمون اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الاحتفالات بقولهم «الهجرة النبوية» وذلك تعظيمًا له لأنه عليه -الصلاة والسلام- هو من قام بالهجرة.
وأوضح «الجندي» بأن أول من أرخ التاريخ الهجري سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وجعل هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة في يوم 12 ربيع الأول، مرجعًا بذلك لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته بالتقويم الهجري، مشيرا إلى أن التقويم الهجري هو مركز أساسًا على الميقات القمري الذي أمر به الله تعالى في القرآن باتباعه، كما قال تعالى «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ». سورة التوبة: 36.
وأوضح من جهته أن الأشهر الأربعة الحرم هي أشهر قرية وهي «رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم»، ولأن الله تعالى وصفها بالدين القيم فقد حرص أئمة المسلمين منذ بداية الأمة أن لا يعملوا إلا به، رغم أن التقويم أنشئ في عهد المسلمين إلاّ أن أسماء الأشهر والتقويم القمري كان تستخدم منذ أيام الجاهلية، أول يوم هذا التقويم الجمعة 1 محرم سنة 1ه على حساب السنة الهجرية.
بدوره، ايضا بيّن الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن المسلمين يحتفلون في شهر محرم بالعام الهجري أو السنة الهجرية وليس الهجرة، مؤكدًا بذلك أن الهجرة النبوية تحولت لمعنى وليس حدثًا حسب قوله، ونحتفل هنا بالمعنى، موضحًا قوله إن الأنبياء هاجروا جميعا قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
ونبه ايضا من جهته مفتي الجمهورية السابق إلى أن وجود اليمامة التي تبيض وخيوط العنكبوت أمام غار ثور الذي اختبأ فيه سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق –رضى الله عنه- عندما هاجرا من مكة إلى المدينة تعتبر من الروايات التي لا سند على صحتها في الهجرة النبوية حتى الان.
واستطرد: قوله ايضا «جمعة» أن هذه الرواية ظهرت مع الإمام الحلبي في كتابه «إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون» ولا نجد اي سندًا في وقتنا الحالي، مضيفا بذلك أن هذه الرواية من الممكن أن يكون لها سند في الماضي ولكنه ضاع الآن.
من جانبه، أردف قائلا محمد مصيلحي، الباحث والداعية الإسلامي، أنه قبل عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم يكن لدى المسلمين تقويم، فقط كانت لعندهم الشهور، وبدأت فكرة الشهور الهجرية حينما بعث أبو هريرة برسالة للفاروق عمر -رضي الله عنهما-، يقول له فيها «حدث في رجب» فرد عليه في قول
أي رجب، هل الماضي أم هل قبل الماضي، فاختلط الأمر عليهما ومن هنا قد جاءت فكرة التقويم.
ونوه ايضا بأن أولى الأفكار التي جاءت للصحابة أن يبدأ التقويم الهجري أو السنة الهجرية بتاريخ ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال، إن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولد في بيئة مشركة تعبد الأصنام، ولم يكن هناك أحداث خاصة تخص المسلمين، فاقترحوا الإسراء والمعراج، أو حتى بداية نزول الوحى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن سيدنا عمر -رضي الله عنه- راضيا عن ذلك حتى قال نجعله بهجرة المسلمين، حيث أصبح لهم وطن، وقانون، وحاكم، وأصبحنا نصنع أحداثنا، و هكذا استقروا أن تصبح الهجرة هي بداية التاريخ.
واستحمل حديثه: أنه بعد اختيار الهجرة كحدث للتأريخ، لـ السنة الهجرية لتقييم الهجري لم يكن من الممكن أن يبدأ هذا العام من شهر ربيع، الذي يعتبر الشهر الثالث، فتعداد الشهور و عملية ترتيبها كان مؤرخًا بالفعل، ولذلك تمت تسمية العام بالهجري، وبدأت بعد السنوات منذ الهجرة بالسنة الهجرية، واتفقوا أو اجتمعوا بلغة الفقه أن تكون بداية السنة الهجرية ستكون في شهر محرم، وخصوصًا أن المسلمين كانوا قد بدأوا الهجرة بالفعل آنذاك قبل النبي، فالنبي هاجر في شهر ربيع الأول، ولكن هناك مسلمين هاجروا قبله بفترات طويلة.